يوم القدس العالمي
طارق أبو بسام
ازالة حواجز باب العمود والعملية البطولية في حاجز الزعترة، في هذا اليوم الذي يصادف يوم الجمعة الاخيرة من شهر رمضان المبارك، والذي يحتفل الفلسطينيون والعرب والمسلمون في كافة انحاء العالم، في كل عام، في يوم القدس العالمي، الذي نحتفل به يوم الجمعة بتاريخ 07.05.2021، هذا الاحتفال الذي جاء استجابة لنداء وصرخة زعيم وقائد الثورة الايرانية، سماحة اية الله العظمى السيد الخميني قدس سره، بعد الاطاحة بنظام الشاه وانتصار الثورة الاسلامية في إيران. هذا النداء الذي دعى فيه سماحته كافة شعوب العالم والمسلمين في انحاء المعمورة، الى الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني المظلوم والى جانب القدس ومن اجل تحريرها، ومنذ ذلك الوقت أصبح الاحتفال في هذه المناسبة يتم في كل عام، حيث يخرج ملايين المسلمين في تظاهرات حاشدة في مختلف البلدان يعبروا فيها عن دعمهم وتأييدهم للقدس ونصرة لقضية فلسطين.
وفي هذه المناسبة اتوجه بالتحية، كل التحية، لروح سماحة الامام الخميني صاحب هذا النداء، وللدولة الاسلامية في إيران التي وقفت ومازالت بكل قوة الى جانب الثورة الفلسطينية ومقاومتها، داعمة اياها بكل ما تملك وبلا حدود.
لا يختلف اثنان ان الاحتفال في هذه المناسبة، هذا العام ياتي في ظل ظروف خاصة، ويكتسب اهميته من مجمل التطورات التي عصفت في المنطقة في السنة الاخيرة، والتي تمثلت بصفقة القرن وقرار الضم وعملية التطبيع، وما رافق ذلك من حملات القمع والتنكيل التي يقوم بها العدو الصهيوني ضد ابناء شعبنا في كل مكان، صباحا ومساءا. هذه الحملات التي تزداد شراسة وعنفا يوما بعد يوم من خلال الاعتقالات اليومية، وعمليات هدم البيوت ومصادرة الأراضي وبناء المستوطنات وتوسيعها، ومن خلال دعم الجريمة المنظمة في مناطق ال 48، والتي ذهب ضحيتها العشرات من ابناء شعبنا وتحولت الى ظاهرة يوميه تشمل كافة المدن والقرى الفلسطينية في المحتل من ارضنا، في القدس ونابلس ام الفحم وحيفا، الخليل وجنين، يافا والناصرة.
هذه الحملات التي تستهدف تهجير شعبنا من بلاده وتفريغ الوطن من سكانه، استمرارا للمؤامرة منذ وعد بلفور، حيث لا نكاد نستيقظ يوما، الا ونسمع باعتقال الشباب في كل مكان في الضفة، ونسمع بعمليات القتل المتعمد والمدروس الذي ينفذه عملاء العدو في منطقة ال 48 هذه العمليات التي لا تنقطع وتتوسع يوما بعد يوم.
واستكمالا لمخططاته قام العدو مؤخرا بوضع الحواجز في باب العمود لمنع وصول المصلين الي المسجد الأقصى لتأدية الصلاة وإقامة شعائرهم الدينية واستفزازهم، الى جانب ما قامت به قوات العدو من محاولات تستهدف حي الشيخ جراح في المدينة، ومصادرة المنازل وإجبار سكانها على مغادرتها والرحيل.
وهنا وإثر ذلك قامت هبة القدس المجيدة، التي خرج شبابها يدافعون عنها بصدورهم العارية وبقوة إرادتهم وعزيمتهم التي لا تلين، وخاضوا مواجهات بطولية مع قوات العدو وقطعان المستوطنين فرضت عليه التراجع في محاولة منه لامتصاص حالة الغضب الجماهيري وتهدئة الأمور والعودة ثانية لتطبيق سياساته.
ان المطلوب اليوم هو الحذر ثم الحذر من خداع العدو، والاستمرار في هذه الهبة وتحويلها إلى انتفاضة شعبية عارمة يشارك فيها الجميع الرجال والنساء الشباب والشابات ومن مختلف الأعمار، وتشمل كافة مدن الضفة الغربية وقطاع غزة ومناطق ال 48، بحيث تشتعل الأرض تحت اقدام المحتل وتحول مشروع الاحتلال الى مشروع خاسر عبر استخدام كافة اشكال المقاومة ومشاركة الجميع الفصائل والمنظمات والقوى الوطنية عامة وصياغة برنامج شامل تقوده قيادة موحدة فعليا يتم من خلاله تجنيد كافة الطاقات لخدمة الانتفاضة تحت شعار:
لا صوت يعلو فوق صوت الانتفاضة
برنامج تجمع عليه القوى الوطنية يلغي الاعتراف بدولة الكيان، وينهي اتفاقيات اوسلو، ويبتعد عن المراهنة على الولايات المتحدة والرباعية الدولية، ويستند الى دعم خيار المقاومة وتفعيلها طبقا للقانون الذي يقول ما اخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة، وهذا ما أكدته تجارب الشعوب وثوراتها الحقوق لا تعطى هدية وانما تنتزع انتزاعا.
وفي هذا السياق تأتي العملية البطولية في حاجز الزعترة، التي عبرت عن بسالة شعبنا ومواجهته وجاءت لتقول للعدو الصهيوني ان خياراتنا مفتوحة ومقاومتنا مستمرة وسنواصل الكفاح ولن نستسلم.
ان حصول هذه العملية في هذا المكان وهذا التوقيت يعطي دلالة كبيرة ان من يملك الارادة يستطيع ان يفعل ولن يقف امامه جنود العدو ولا من ينسقون معه امنيا، وهذا يتطلب من الشعب احتضان المقاومين وحمايتهم في وجه هؤلاء.
ان هبة القدس العظيمة التي شارك فيها المئات من الشباب استطاعت ان تنتزع انتصار، وتجبر العدو على ازالة الحواجز من باب العمود كما ذكرت سابقا وهذا يحتاج إلى دعم ومساندة حتى يستمر.
القدس تحتاج لمن يحررها ويدعم صمودها
والشباب المنتفض بحاجة لمن يدعمهم ويساندهم بالأفعال وليس بالأقوال وليسوا بحاجة لمن يتغنى ببطولاتهم فقط
ان هبة القدس وعملية حاجز الزعترة، استطاعت ان توجه مجموعة من الرسائل في كل الاتجاهات اهمها:
الرسالة الاولى
موجهة إلى دولة الكيان الصهيوني ان شعبنا قاوم وسيبقى يقاوم ولن يستسلم ويواصل المقاومة حتى تحرير اراضيه
الرسالة الثانية
موجهة للحكام العرب وأنظمة التطبيع تقول لهم طبعوا كما تشاؤون، تطبيعكم لن يثبط عزيمتنا ولن يدفعنا لليأس والاحباط بل سيدفعنا للمزيد من التمسك بحقوقنا واستمرار مقاومتنا وأنتم الخاسرون في نهاية المطاف
الرسالة الثالثة
موجهة للولايات المتحدة الامريكية والأمم المتحدة وكل دول العالم تقول نحن متمسكون بحقوقنا سندافع عنها بدمنا ولحمنا ولن نتخلى عنها وان مساندتكم لدولة الكيان والتغاضي عن سياستها الإجرامية وعدم معاقبتها كما يحصل مع غيرها لن يؤدي إلى سلام في المنطقة وانه لا سلام ولا استقرار دون اعاده حقوق الشعب الفلسطيني كاملة
الرسالة الرابعة
موجهة للقيادة الفلسطينية تقول ان سياساتكم اثبتت فشلها طوال الاعوام السابقة ووضعت القضية في مأزق كبير واوصلتنا لما نحن فيه من انقسام وتراجع وعليكم اعادة تقييم الاوضاع ورسم برامج جديدة تستجيب لتطلعات الشعب وتعبر عن إرادته والا عليكم الرحيل ومغادرة الساحة وشعبنا يستحق قيادة أفضل منكم وصبره عليكم لن يطول.
بعد ذلك لابد من التأكيد على العناوين التالية التي تشكل مخرجا من هذا الوضع المازوم ويدعم الهبة في القدس ويحولها الى انتفاضة شاملة
العنوان الاول
ان تقف كافة الفصائل الفلسطينية صفا واحدا في الدفاع عن هبة القدس وعن المقاومة وهذا يستدعي الدعوة لعقد اجتماع عاجل يضم الجميع، يصوغ برنامجا واضحا للمواجهة، ويتم تشكيل قيادة موحدة حقيقية (ليس على طريقة عزام الاحمد وبيانه رقم واحد اليتيم باسمها)، وان يستبعد منها فريق اوسلو، كونه لا يمكن ايجاد حل مع استمرار هذا الفريق في القيادة وموقع اتخاذ القرار كما دلت التجربة حتى الان ولا يمكن السير في المشروع الوطني الى الامام في ظل هكذا قيادة.
ان الحلقة المركزية في دعم وتطوير الانتفاضة هي الحلقة الفلسطينية وهي الرافعة التي تقود السفينة نحو الخلاص وعندما ينهض الوضع الفلسطيني ويتوحد تنهض معه الأمة وعندما يتراجع تتراجع معه ايضا وهذا ما أكدته تجربة الثورة الفلسطينية عبر تاريخها اثناء الانتصارات والانكسارات
العنوان الثاني
ان تقوم الاحزاب والمنظمات والقوى السياسية والعربية بالنزول الى الشارع والساحات دعما للقدس والانتفاضة وتقديم الدعم السياسي والاعلامي والمادي لها، وعدم الاكتفاء باصدار البيانات والشعارات، وإذا كانت الحكومات قادرة على توقيع اتفاقيات التطبيع مع العدو وفك العزلة عنه فان الحركة الشعبية قادرة على احكام طوق العزلة حول رقبته ومحاصرته من خلال رفض التطبيع وتطبيق سياسة المقاطعة التي اثبتت جدواها على المستوى العالمي وعلى الفلسطينيين ان يقدموا نموذجا بهذا الاتجاه.
العنوان الثالث
دعوة الامم المتحدة وكافة دول العالم كي تنصف الشعب الفلسطيني، والتوقف عن الكيل بمكيالين، وتدفع باتجاه تطبيق قرارات الشرعية الدولية وفي المقدمة منها حق العودة وان تمارس دورها في الضغط على دولة الكيان لتطبيق هذه القرارات وفرض العقوبات عليه كما فرضت على غيره اذا لم تلتزم بذلك.
ليس من السهل تطبيق ذلك لكنها معارك لابد من خوضها ووضع العالم امام مسؤولياته كونهم المسؤولين عن نكبتنا والتي تقترب ذكرى مرور 73 عليها
في الختام، وفي يوم القدس العالمي اتوجه بالتحية لأهلنا الصامدين المرابطين المدافعين عن القدس
واقول ان شعبا يمتلك هذه الارادة وهذه القدرة على الصمود وهذا الاستعداد للتضحية والمقاومة بإمكانه ان يفرض إرادته على العدو، وكان بإمكانه فرض الانتخابات في القدس، كما فرض سابقا تفكيك البوابات الالكترونية وإزالة حواجز باب العمود، الا ان القيادة المتنفذة خذلت هذا الشعب واتخذت قرارها بتأجيل الانتخابات، بالأحرى إلغائها، لمصلحتها خوفا من الفشل وليس من اجل مصلحة القدس والقضية وهذا ماتحدثت عنه في مقالات سابقة
عاشت الانتفاضة في كل فلسطين
كل الدعم لأهلنا في القدس
ولا صوت يعلو فوق صوت الانتفاضة
واننا لمنتصرون
طارق أبو بسام
براغ، 06 أيار، 2021