الاخبار الرئيسيةمقالات

يوم الأسير الفلسطيني وواجباتنا تجاه اسرانا

كتبه- طارق ابو بسام

في يوم الاسير الفلسطيني اتوجه بداية بتحية الاكبار والاعتزاز لأسرانا واسيراتنا القابعين خلف قضبان سجون العدو الصهيوني، الذين يتصدون بإرادتهم وصبرهم وعزيمتهم لهذا العدو، وينتصرون عليه.

اليوم هو يوم الوقوف والتضامن مع الأسرى من خلال تجنيد كافة الطاقات، محليا ودوليا، من اجل إطلاق سراحهم، وفي سبيل الحصول على حقوقهم كما نصت عليها المواثيق والمعاهدات الدولية، خاصة اتفاقية جنيف بهذا الخصوص.

ان موضوع الاسرى الفلسطينيين هو من اهم الموضوعات التي تتطلب الوقوف امامها باستمرار، والدفاع عنها، كيف لا وهم يعانون اشد صنوف التعذيب، ومنهم من قضى أكثر من 30 عاما في سجون العدو، ونقول لهم… لكم منا كل التحية والتقدير والتضامن معكم

وهذا لا يكفي!

نقول لهم، ونصارحهم، ان القيادة الفلسطينية وكافة المنظمات مقصرة معكم، ومهما قدمنا لكم سنبقى مقصرين حتى يتم تحريركم وعودتكم لا سركم وممارسة حياتكم الطبيعية مع ابناء شعبكم.

ومن موقع الصراحة هذا، نقول ان هذه القيادة تجاهلت هذا الموضوع، ولم تقدم لكم الحد الادنى من المطلوب، ولم تقم بأبسط واجباتها تجاهكم. الم يقل شمعون بيريس رئيس وزراء العدو السابق في مقابلة تلفزيونية مع القناة (الإسرائيلية) الثانية  في عام 2003، بمناسبة الذكرى العاشرة لتوقيع اتفاقية اوسلو، ما يلي

“جئت لمفاوضات  التوقيع على اتفاقيات اوسلو وانا احمل ملف الاسرى بين يدي وكنت اتوقع، ان تتم اثارة هذا الموضوع، الا ان هذا الامر لم يحصل، ولم يطالبنا احد بذلك، ولو بالإفراج عن اسير واحد، رغم كوننا كنا مستعدين للإفراج عن كافة المعتقلين في السجون آنذاك”.

الا يدل هذ على حجم التقصير الكبير، المخزي والمخجل، وعدم الاهتمام بهذا الملف.

وللأسف الشديد مازال هذا الملف يدار من قبل القيادة بطريقة عشوائية خاطئة، وليوجد اي خطة او برنامج لمتابعته، وان ما تقوم به من بعض التحركات احيانا لا يعدو عن كونه ردة فعل على استشهاد اسير وإضراب اسير اخر عن الطعام. وبقيت التحركات والفعاليات موسمية بهذا الخصوص ولا توازي الحد الادنى من تضحيات الأسرى.

لقد فشلت القيادة الفلسطينية فشلا ذريعا، وبامتياز، في ادارة هذا الملف ومتابعته مما اثار حالة كبيرة من الاحباط واليأس وانعكس على حركة الجماهير في الشارع.

وهنا نسأل القيادة الفلسطينية والفصائل ماذا قدمتم للأسرى!!!

انه لمن المخجل والمعيب ان نسمع جواب الاسير ابو مخ على صحفي بارك له بالتحرر من الاسر قائلا والالم في عينيه والحسرة في قلبه “انا لم اتحرر، لم يحررني احد، انتهت محكوميتي 35 سنة وبعدها خرجت من السجن”.

ان هذا الجواب شكل صفعة قاسية على وجه هذه القيادات التي طالما تغنت بصمود الاسرى وتضحياتهم.

والاسرى لا يريدون منا ذلك، يريدون من يعمل على تحريرهم واطلاق سراحهم.

وفي هذه المناسبة نبارك للأسرى

صالح ابو مخ ومجد بربر ومنصور الشحاتيت وغيرهم ممن انتهت محكوميتهم وعانقوا الحرية ونفتخر بكل ما قدموه  وما قالوه انهم لازالوا على العهد لمواصلة النضال ولم تنكسر عزيمتهم.

ولابد بعد ذلك من الإشارة إلى بعض الارقام بخصوص المعتقلين في سجون الاحتلال:

لازال ما يقارب 4500 اسير يقبعون داخل سجون الاحتلال بينهم 41 أسيرة و140 طفل موزعين على 23 سجن ومركز توقيف ،يتعرضون لأبشع انواع التعذيب الجسدي والنفسي، في مخالفة صريحة لاتفاقيات جنيف التي تحمى حقوق الاسرى، ومن اجل اضعاف عزيمتهم وكسر إرادتهم وهذا لم ولن يحصل.

– الاعتقال الاداري ،دون توجيه تهمة او محاكمة ويستمر في بعض الحالات الى سنوات طويلة وقد بلغ عدد المحكومين اداريا منذ عام 1967 ما يقارب ال 5000 ويبلغ عددهم الان حوالى (440).

– وصل عدد شهداء الحركة الاسيرة في السجون منذ عام 1967 الى226 شهيد، اضافة الى المئات الذين استشهدوا بعد خروجهم من السجن بسبب الامراض التي ورثوها اثناء  فترة  سجنهم وفي العام الماضي فقط 2020 ارتقى 4 شهداء داخل السجون.

ولا زال العدو يحتجز جثامين ٧ شهداء ويرفض اطلاق سراحهم

–  بلغ عدد الاسرى المرضى اكثر من 550 اسير ومنهم من هو مصاب بالسرطان وغيره من الامراض المزمنة مثل الضغط والسكر وغيرها كما تمت اصابة العديد منهم مؤخرا بمرض كورونا الخطير الذي انتشر داخل السجون في ظل الاهمال الطبي وعدم توفر الاجراءات الوقائية.

– الحكم بالسجن المؤبد على اكثر من  543 اسير ومنهم من حكم عليه بعدة مؤبدات

– يوجد داخل السجون 25 اسيرا مضى على وجودهم في السجن اكثر من ربع قرن كما يوجد 13 سجينا امضوا اكثر من 30 عاما اقدمهم كريم يونس وماهر يونس، بالإضافة الى اكثر من620اسيرا تجاوزت فترة اعتقالهم ال 20 عام

ومن المفيد الاشارة الى ان هذه الأرقام متحركة وليست ثابتة، حيث تقوم الان سلطات الاحتلال بعمليات اعتقال يومية تطال الكثير من المناضلين يوميا في مدينة القدس وكافة مدن وقرى الضفة الغربية.

ان ما تقوم به سلطات الاحتلال من عمليات قمع وقتل وتعذيب تشكل تحديا سافرا للمواثيق والاعراف والمعاهدات الدولية المتعددة ومنها

اتفاقية جنيف عام 1949

اتفاقية تموز عام 1998 لمحكمة الجنايات الدولية

اتفاقية حماية حقوق المعتقلين عام 1998

اتفاقية حماية حقوق الطفل عام 1990

هذه الاتفاقيات وغيرها لم تلتزم (اسرائيل) في اي يوم بتطبيقها وضربت بها عرض الحائط، واذا كانت (اسرائيل) تجيد سياسة التهرب من الالتزام  بالمعاهدات والقوانين  الدولية، على منظمة التحرير والسلطة ان ترسم استراتيجية واضحة للدفاع عن الاسرى وحقوقهم والعمل على اطلاق سراحهم وتخوض المعارك في المحافل الدولية دون تردد خاصة بعد انضمام فلسطين الى الكثير من هذه المعاهدات الذي يعطيها الحق الاستناد اليها.

ان معركة حقوق الاسرى والافراج عنهم هي المعركة المقدسة وليس التنسيق الامني ويجب ان يتم خوضها عبر مختلف السبل القانونية وغيرها، خاصة اننا امام عدو لا يفهم سوى لغة القوة.

ان تحقيق ذلك يستدعي العمل على ما يلي

– تشكيل لجان قانونية مختصة فلسطينية، وعربية ودولية

تقوم بدراسة هذا الملف بشكل تفصيلي وتستخرج الوسائل الكفيلة بإلزام دولة الاحتلال بتطبيق واحترام  الاتفاقيات الدولية وتخوض هذه المعركة في كل مكان وزمان وضمن استراتيجية واضحة بعيدة عن العمل الموسمي

وفي هذا الصدد لابد من التأكيد على العناوين الاتية:

١- العمل على تطبيق اتفاقيات جنيف ووضع جرائم العدو في اطار المحاسبة ضمن محكمة الجنايات الدولية وإبلاغ المحكمة الفوري والتفصيلي بالانتهاكات الجسيمة التي يرتكبها الاحتلال بحق الاسرى

٢-  الدعوة لتشكيل محكمة خاصة من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة للنظر في جرائم العدو وممارساته ضد الأسرى، والعمل على تشكيل لجنة تقصي حقائق دولية للتحقيق في اوضاع وظروف الاسرى، ومطالبة الامين العام  ولجان حقوق الانسان على توثيق ممارسات الاحتلال ورفعها للأمم المتحدة

٣- العمل على تعبئة الرأي العام المحلي والدولي ضد ممارسات العدو بحق الأسرى  من نوع التعذيب، الاهمال الطبي، العزل الانفرادي، هدم البيوت، اعتقال افراد الأسرة الخ

٤- مطالبة الحكومة السويسرية، باعتبارها راعية اتفاقيات جنيف الدولية الخاصة بموضوع الاسرى، مطالبتها بتفعيل اتفاقية عام ١٩٤٩ وبروتكول عام 1977 والدعوة لعقد اجتماعات دولية من اجل وضع هذه الاتفاقيات موضع التطبيق

٥-العمل مع الاتحادات البرلمانية العربية والدولية من اجل تكثيف الضغط على دولة الاحتلال من اجل الغاء القوانين العنصرية التي تمارس بحق المعتقلين.

٦-تفعيل الدبلوماسية الفلسطينية الرسمية والشعبية من خلال السفارات والمنظمات الشعبية والفصائل وإعادة الاعتبار لقضية الاسرى والتركيز عليها باعتبارها قضية إجماع وطني والتركيز على ان قضيتهم. قضية دفاع عن الوطن والانسان وليست قضية ارهاب كما يروج العدو.

وبعد ان اصبحت فلسطين طرفا في الكثير من الاتفاقيات الدولية بعد التوقيع عليها يتوجب على الجهات المختصة ان تقوم بأعداد التقارير الشاملة وتقديمها لكافة الجهات الدولية المختصة وتحميلها المسؤولية القانونية والأخلاقية لعدم القيام بدورها في هذا الشأن وعليها ان تضع قضية الاسرى على راس اولوياتها في كافة تحركاتها.

ان مجابهة الاحتلال على الجبهة القانونية لا يقل اهمية عن مجابهته على الجبهات السياسية والاقتصادية والثقافية بل يتفوق عليها احيانا وعلينا كفلسطينيين ان نخوض معارك المواجهة مع هذا العدو بكل اقتدار وان نعد لها الاعداد الجيد من اجل ان ننتصر فيها.

وفي هذه المناسبة ونحن نتحدث عن الاسرى في سجون الاحتلال، لا يجوز ان ننسى اسرانا في سجون الدول الاستعمارية الأخرى، علينا ان لا ننسى الاسير البطل جورج عبدالله المناضل اللبناني الفلسطيني .. العربي. والأممي الذي يقبع في السجون الفرنسية منذ أكثر من 37 عاما واستمرت السلطات الفرنسية باعتقاله رغم انتهاء محكوميته منذ عدة سنوات

وعلينا ايضا ان لا ننسى المناضل والناشط الفلسطيني من اجل الديمقراطية والدفاع عن حقوق الانسان الدكتور عصام حجاوي، والذي يقبع في السجون الأيرلندية منذ 20.08.20 دون توجيه تهمة واضحة له وفي محاولة من السلطات البريطانية لإسكات اي صوت داعم للحرية والعدالة والمساواة

ويجب ان يرتفع الصوت عاليا من اجل إطلاق سراح هؤلاء المناضلين والعودة لحريتهم وممارسة حياتهم الطبيعية

طبعا أدرك ان العدو الذي نواجه لا يحترم القوانين فدولته قامت ضد القانون وان هذه الأمور لن تفرض على العدو تحرير الأسرى وانما هي معارك لابد من خوضها، فهي جزء من حربنا معه، ان ما يفرض على العدو تحرير الاسرى والأرض هو طريق واحد طريق القوة ولا طريق غيره

وفي الختام نقول حان الاوان للانتقال من حيز القول الى حيز الفعل والعمل

ان اسرانا لا يدافعون عن أنفسهم ومصالحهم الذاتية لكنهم يدافعون عن الأرض والوطن والهوية ويدافعون عن شرف وكبرياء هذه الامة وعلينا ان نكون الى جانبهم ندعمهم في معاركهم البطولية بكل ما نملك

ونحن على ثقة ان يوم تحريرهم قادم لا محال وان قيود الاسر والاحتلال الى زوال

الحرية لكافة الاسرى والاسيرات

عاشت فلسطين حرة عربية

النصر للثورة والمقاومة

المجد والخلود للشهداء الابرار

وجنبا الى جنب معا وسويا من اجل تحرير فلسطين كل فلسطين

طارق ابو بسام

براغ

السبت17 نيسان 2021

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى