مقالات

قيادة انقاذ وطني جماعية مؤقتة لا مكان فيها لغير حُراس الوطن والشعب استحقاق مُلِحّ وعاجل.

 د. ربحي حلّوم


بكلمات بهلوانية مثيرة للغثيان تحدث محمود عباس في ساعة متأخرة من ليلة أمس الخميس كما توقعنا وأعلناه، مخاطباً الفصائل الأكثر بؤساً وبهلوانية من حاويها وحاخامها الأكبر ، التي دعاها لاجتماعه الموعود معلناً تأجيل الانتخابات الى حين تأذن (إسرائيل ) بإجرائها في القدس:

ها قد تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود، واتضح تأكيد المؤكد أن عباس منذ أعلن مراسيمه الثلاث التي انطلى أمرها على البعض ممن هللوا ورقصوا لها في الخامس عشر من يناير الماضي المتعلقة بالانتخابات الوهمية متكئاً على تبرير إلغائها لاحقاً بحجة الرفض الإسرائيلي وعدم السماح بإجرائها في القدس -المتفق عليه مسبقاً بينه وبين النتن ياهو من خلال التنسيق الأمني المقدس وكذلك عبر الوسيط الترامبي المندحر كوشنر ، إذا لم تجر رياحها على مقاسه ووفق هواه.

 وها قد تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود، واتضح تأكيد المؤكد أن الصهاينة بفئتيهم اللتين تتوزعان بين اليمين وأقصى اليمين يجمعون على ابتلاع فلسطين واقتلاع آخر عربي فلسطيني منها ،بمن فيهم خدمها المنسقين الأمنيين الذين يعبدون لهم الطريق على مدار الساعة….

وها هي خيوط السيناريو المذكور تتزامن مع هبة القدس البطولية لأهلنا المقدسيين الذين مرغوا الصهاينة وجراء مستوطنيهم في التراب أمام ساحة باب العمود في قدسنا بهدف امتصاص زخمها ووأدها ليضرب عصفورين بحجر واحد وفق ما يبيت له الاحتلال وأدواته ومنسقوه الأمنيون .

 ليس دفاعاً عن الانتخابات او تأييداً لها نرفع الصوت معلنين عن كشفنا المبكر لنوايا محمود عباس ولما كانت تنطوي عليه مراسيمه من خدع وسيناريوهات صحّت رؤيتنا لها بحكم معايشتنا للرجل منذ ستينات القرن الماضي بقدر ما هو نابع من معرفتنا اللصيقة والدقيقة لفكر الرجل ونهجه ونواياه وخفايا تاريخه ومناوراته الأكثر من مشبوهة منذ زمن بعيد نال فيه لقب كارازي فلسطين من سلفه الراحل عرفات.

وها هو الإعلان الذي راهنّا مبكراًًً على حتمية وقوعه لمعرفتنا ويقيننا بمكنونات الرجل منذ معايشتنا له عن قرب منذ ستينات القرن الماضي يكشف عن نفسه بنفسه ويفضح نواياه المبيتة ليكشف الخيط الأبيض من الخيط الأسود الذي أعلنّاه بوضوح منذ ذلك التاريخ.

 إن أية دعوات لتمرير ما يحدث والتعاطي معه بمرونة وتفهم ظروف التأجيل وعدم إعطاء مواقف صريحة هي بمثابة خيانة لشعبنا وتواطؤ على مصالحه وحقوقه.

 وعلى ضوء استشراء هذا الخداع من اجل تمرير آخر فصول مؤامرات تصفية القضية الفلسطينية، وانكشاف كل أوراقها بوضوح لا لبس فيه، بات لزاماً علينا أن تكون أولى الأولويات الوطنية الفلسطينية المستحقة أمامنا جميعاً كفلسطينيين في الداخل المحتل بأجنحته الثلاثة وفي الخارج حيث يتوزع أكثر من نصف تعداد شعبنا  الزاخر بالكفاءات العلمية والفكرية والسياسية والنضالية وبالطاقات المتميزة ،  وهي الاستدارة الفورية باتجاه البوصلة التي لا تتحول عن المقاومة بكل أشكالها في معركة الدفاع عن الوجود من عدمه وعن الوطن من ابتلاعه وعن الشعب من اقتلاعه

وبات مُلحّاً التوقف عن المضي العبثي في الضياع بين لقاءات فصائلية استعراضية جوفاء لم تحقق غاية ولم تحدث تغييراً ولم توقف تغولاًًً ولم تردع مرتداً، وانتخابات هلامية خرقاء وتوافقات عرجاء عمياء وبيانات عصماء مرفوقة بوثائق شرف تخلو من الشرف المضيع في العراء

فقد دقت ساعة العمل لكي ننحوَ في انعطافة حادة باتجاه العودة إلى الجذور وإجراء التغيير الجذري في النهج وفي الشخوص وفي الممارسة ونتطهر من أوهام الحلول السلمية والمفاوضات العبثية والسلام المخادع والاتفاقات الكارثية التي أهدرت أكثر من نصف قرن من الجري وراء السراب ،

إن تغييراً جذرياً للنهج وللشخوص في كل ما هو قائم وإعادة البناء من الصفر تتولاها قيادة وطنية جماعية مقتدرة تعيد البناء من جديد وتمارس المساءلة والعقاب باتت استحقاقات لا تحتمل الانتظار ولا التردد.

 فلندفن إلى الأبد أنصاف الحلول التي تتحدث عن أخماس الضفة وأسداس الأغوار وأعشار فلسطين التاريخ لدويلة قن دجاج بلا قوائمَ ولا أرجلٍٍ ولا أيدي ولا سواعدَ ولا قلبٍ ينبض.

ولتُدفن إلى الأبد استجداءات الرباعية الدولية والإدارة الأمريكية المنتخبة لعقد مؤتمر دولي للعودة إلى طاولة المفاوضات العبثية في إطار مسلسل مؤامرات تصفية القضية الفلسطينية والإلغاء الوجودي لفلسطين الوطن والشعب.

  التغيير الجذري الكلي في الفكر وفي الشخوص وفي الممارسة وفي النهج ، بات فرض عين لا بديل عنه بعد اليوم ، الامر الذي يستوجب تنحية عباس وكل أركان سلطته فوراً وبكل الوسائل واسقاطهما على ايدي الجماهير الغاضبة ومساءلتهما ثورياً والعودة إلى الجذور في تصعيد الهبة المقدسية وتوسيع رقعتها إلى كل مساحات الوطن وتكثيفها إلى انتفاضة عارمة وعصيان مدني شامل ومقاومة لا بديل عنها لردع العدو وكنسه عن أرضنا ووطننا بات ضرورة لا تتقدم عليها أية طروحات رمادية أو عبثية .

 كما لا يجوز على الإطلاق استمرار الوضع السياسي القائم للحظة واحدة تحت أية ذريعة بعد كل ما انكشف من نوايا وحيل مبيتة ومخططات تستهدف خدمة الاحتلال وديمومته.

 إن القرار المبيت بتأجيل الانتخابات الفلسطينية التي تأسست مراسيمها على سيناريو مخادع منذ البداية انطلى على أربعة عشر فصيلاًًً بعضها منتهي الصلاحية والبعض الآخر مسمى بلا مضمون وبعض ثالث مقاوم يصارع الحصار ويبحث عن نافذة تغيير تفتح الباب للإنقاذ ، ولكنهم جميعاً انزلقوا في فخ السيناريو الذي حذرناهم منه منذ اللحظة الأولى لإعلان عباس مراسيمه المخادعة، فلم يلقوا أذناً صاغية لتحذيرنا وانخرطوا فيه حتى النخاع. الأمر الذي يستوجب الشروع الفوري في ترجمة الاستحقاقات الفورية أعلاه ميدانياً قبل فوات الأوان في ظل الهجمة التآمرية والتطبيعية والتهويدية الشرسة للإطباق على كامل الأرض الفلسطينية والتصفية العرقية الهادفة لاقتلاع شعبنا من وطنه التاريخي.

الخلاصة:

على ضوء كل ما تقدم في أعقاب تبيُّن الخيط البيض من الخيط الأسود والنوايا المبيتة بشكل جلي أدى لتعاظم الأخطار الوجودية التي باتت تتهددنا شعباً ووطناً وأمة ، فقد بات من أهم الاستحقاقات الملحة :

التداعي العاجل إلى عقد مؤتمر وطني عاجل خلال عشرين يوماً تحضره كوكبة ممثلة لكل أطياف شعبنا في الداخل والخارج بمن فيهم ممثلو الفصائل المقاومة – بمن حضر- وال48 والشخصيات الوطنية المستقلة ، تنبثق عنه هيئة حكماء مقتدرة يعهد إليها مهمة “قيادة إنقاذ وطني” تستهل مهامها بالاعلان عن تنحية عباس وكل أركان سلطته فوراً، وتتولى إدارة المرحلة الانتقالية القادمة وتحديد أدواتها النضالية والسياسية معززة بعمليات مقاومة وانتفاضة وعصيان مدني في الداخل، وتضع قواعد وآليات التحضير لإعادة تشكيل المجلس الوطني كأولوية أساسية -ضمن سقف زمني محدد لا يتجاوز الثلاثة أشهر – عن طريق انتخابات ديمقراطية حرة في الداخل والخارج على قاعدتي النسبية والميثاق القومي المقر في القدس عام 1964 والمعدل عام 1968م مستعينة بالوسائل التكنولوجية للساحات التي يتعذر فيها الانتخابات الميدانية في الخارج بحيث يتولى المجلس الوطني دوره إعادة بناء منظمة التحرير وهيكلة مؤسساتها وهيئاتها التنفيذية والرئاسية وخطط المواجهة للمرحلة المقبلة في منأى عن أوسلو ومخرجاتها، وإدارة المرحلة بكل ما تتطلبه من مقومات نضالية وسياسية… يتبع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى