مقالات

فلسطيني من الشتات يبعث رسالة في ذكرى يوم الارض الخالد

بقلم : طارق ناصر أبو بسام


يصادف اليوم 30.03.2021 الذكرى الـ 45 ليوم الارض، يوم الانتفاضة الشعبية العظيم، التي انطلقت شرارتها الاولى من عرابة وسخنين وكفر كنا في منطقة الجليل، وعمت كافة مدن وقرى فلسطين المحتلة عام 1948، واتسعت لتشمل الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة، هذا اليوم الذي اشتعلت فيه الارض تحت اقدام العدو.

وفي هذا اليوم اتوجه بالتحية، كل التحية، لصانعي يوم الأرض، المتمسكين بها والمدافعين عنها، تحية لهم!

تحية لهم في عرابة وسخنين وكفر حنا وحيفا ويافا وعكا والناصرة والطيبة وام الفحم، في الجليل والنقب، وفي كل قرية ومدينة في فلسطين..

تحية لهم وهم من تصدى لقوات ودبابات الاحتلال بأجسادهم وارادتهم، واعلنوا ان مخططات العدو بمصادرة الأراضي واقامة المستوطنات عليها في اطار تهويد منطقة الجليل لن تمر، التحية لشهداء وجرحى يوم الارض، اللذين سالت دماؤهم وامتزجت بتراب فلسطين، لتزرع املأ وتنبت مقاومة.

تحية لكل من ساهم بدوره في هذه الانتفاضة التي اعادت الاعتبار للقضية الفلسطينية كقضية تحرر وطني ودعت لرحيل الاحتلال، عندما اكدت ان الأرض ارضنا والسماء سماؤنا والبحر بحرنا والهواء هواؤنا والشجر والحجر كلها لنا ولن نتنازل عن حبة تراب منها

وفي هذا اليوم لابد ان نتوجه بتحية الاعزاز والاكبار لجماهير شعبنا المنتفضة اليوم في ام الفحم ومدن وقرى الـ 1948 ضد الجريمة والعنف والاستيلاء على الاراضي الفلسطينية ومحاولات تهجير اهلها منها.

تحية لهم وهم يزيلون العلم (الإسرائيلي) عن بلدية ام الفحم ويرفعون علم فلسطين في رمزية عالية لها دلالات كبيرة ارادت ان تقول البلاد بلادنا لن تتخلى عنها مهما طال الزمن وسيزال هذا الاحتلال كما ازيل العلم.

وفي هذه المناسبة لابد من اعطاء صورة موجزة عن اسباب اندلاع هذه الانتفاضة.

لقد اندلعت هذه الانتفاضة بعد ان اتخذت سلطات الاحتلال قرارا بمصادرة آلاف الدونمات من اراضي منطقة الجليل في عرابة وسخنين وكفر حنا وغيرها، حيث رفضت جماهير شعبنا هذا القرار وتصدت له بكل قوة ودعت الى اضراب شامل بتاريخ 30/3/1976 حيث تمت الاعتصامات وانطلقت المسيرات والمظاهرات في كافة مناطق الجليل والمثلث وباقي المدن والقرى الفلسطينية في الداخل واتسعت لتشمل الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة في ظاهرة لم يشهد الاحتلال مثيلا لها منذ عام 1948 معلنة وحدة الشعب والأرض.

وقد استشهد في هذا اليوم ستة شهداء وهم يتصدون لدبابات الاحتلال وادوات قمعه وهم
1- خير احمد ياسين من عرابة
2- خديجة قاسم من سخنين
3- محسن طه من كفر كنا
4- رجا ابو ريا من سخنين
5- خضر خلايلة من سخنين
6- رافت علي زهدي من مخيم نور شمس واستشهد في الطيبة

بعد هذا الاستعراض ماهي الاهداف من احياء يوم الأرض

اولا، توجيه رسالة واضحة للعدو ولكل العالم ان الشهداء الشباب وهذا الجيل اللذين ولدوا في ظل الاحتلال لن يتخلوا عن ارض فلسطين وسيبقى متمسكا بها ولن يتنازل عنها

ثانيا، ان العدو مهما حاول لن يستطيع اقتلاع هذا الشعب من ارضه

ثالثا، التاكيد على مواصلة الكفاح ضد الاحتلال جيلا بعد جيل

رابعا، التاكيد على ان طريق الحرية والتحرير هو طريق المقاومة

خامسا، ان الحق الفلسطيني ثابتا ولن يسقط بالتقادم

اما الدروس المستمدة من يوم الارض وهي كبيرة وعظيمة نسجل منها مايلي.

الاول… التاكيد ان فلسطين واحدة موحدة شعبا وارضا ولا تقبل التقسيم والتجزئة

الثاني… التاكيد ان القضية الفلسطينية هي قضية استعمار استيطاني وطرد شعب من اراضيه ولا عدالة ولا مساواة دون عودته إلى ارضه و دحر الاحتلال والقضاء عليه.

ثالثا… فشل المراهنات الصهيونية على عامل الزمن استنادا لاقوال قادتهم ان الكبار يموتون والصغار ينسون وهذا مالم يحصل لا اليوم ولا في الغد، كون الاجيال الشابة والجديدة ليست أقل تمسكا بارض فلسطين كل فلسطين..من الاباء والاجداد وهذا ما يجسده الشهداء والجرحى والمنتفضين الشباب

رابعا… اثبتت هذه الانتفاضة حقيقة دولة (اسرائيل) كنظام ابارتايد عنصري يقوم على مصادرة الأراضي وتهجير اصحابها وحرمان اصحاب الارض الحقيقين من ابسط حقوقهم

خامسا… اثبتت ان المقاومة باشكالها المختلفة هي الطريق لانتزاع الحقوق حيث نجحت هذه الانتفاضة في اجبار العدو التراجع عن قراراته.

سادسا… اكدت ان شعبنا في مناطق ال48 جزء اصيل من الشعب الفلسطيني وليسوا عرب اسرائيل وجزءا منها كما يحاول البعض ان يصور ذلك .

سابعا… اكدت ان المقاومة والتصدي للاحتلال هي الطريق لتوحيد الشعب حيث توحد الشعب الفلسطيني كله خلف هذه الانتفاضة.

وما احوجنا اليوم في هذه الظروف الصعبة التي تمر بها قضيتنا من استلهام الدروس وتحقيق وحدتنا.

يأتي الاحتفال بيوم الارض في هذا العام وشعبنا يتعرض لمؤامرة تلو الاخرى، من صفقة القرن، الى الضم والتطبيع، والحصار والتجويع والاعتقالات اليومية المستمرة وجائحة كورونا اللعينة والتى اختطفت ارواح المئات من المناضلين واصحاب الفكر المقاوم، وهي المرحلة الأسوأ منذ وعد بلفور حيث تشارك فيها بعض الدول العربية علنا بعد ان شاركت فيها سرا بل اكثر من ذلك ذهب بعضها لاعلان التحالف الاستراتيجي مع العدو الصهيوني (إسرائيل) وامريكا كما هو الحال مع الامارات والبحرين والاردن التي وقعت اتفاقية مع امريكا سلمت بموجبها الاردن وتخلت عن سيادتها، هذه الاتفاقية التي اعطت لهم التحرك وتنفيذ مخططاتهم حتى دون ان يستطيع النظام تسجيل اعتراض ولو شكلي..نعم هكذا تباع الاوطان من قبل الحكام في عالمنا العربي.

ورغم ذلك سياتي اليوم الذي تنتفض فيه هذه الشعوب ضد حكامها وتستعيد حريتها وكرامتها.

نعم لقد كان يوم الارض يوما فاصلا في تاريخ وحياة الشعب عموما وفي الداخل خصوصا. لقد استحق يوم الارض هذا الاسم عن جدارة كونه تعمد بالدم وفتح طريق المستقبل وتمسك بالأرض.

وقد اثبت شعبنا ان إرادته اقوى من محاولات كسر الانتفاضة والقضاء عليها من قبل العدو.

صحيح ان يوم الارض لم يحرر قرية او مدينة او شبرا من الأرض الفلسطينية لكنه حرر الوعي الفلسطيني، وهذا اهم مافي حياة الشعوب ان يقع وعيها في الأسر وينام حسها الوطني.

نحتفل في يوم الارض في شهر الربيع ويذكرنا بالربيع الحقيقي الذي أزهرت فيه دماء الشهداء والجرحى ورودا سقيت بالدم، ورود الحياة والامل والمستقبل وشيدت متاريس المقاومة والتحدي وانارت طريق الحرية والعزة والكرامة

يوم الأرض يعني اعادة الإعتبار للرواية الفلسطينية والتمسك بها في مواجهة رواية العدو.

يوم الارض هو دعوة للتخلص من قيود الاحتلال واليأس وعودة لإحياء الأمل.

يوم الارض هو يوم الشجاعة الفلسطينية، هو اليوم الذي انتصرت فيه الكف الفلسطينية على مخرز الاحتلال وانتصرت الارادة على الدبابة والمصفحة

وانتصر الشباب الاعزل على الجنود المدججين بالسلاح

يوم الأرض..هو يوم العرس الفلسطيني وزفة العرسان الشهداء والشهيدات العاشقين للأرض السائرين نحو تحريرها
احياء يوم الأرض هو احياء لذكرى المقاومين والشهداء..احياء لذكرى غسان كنفاني وعائد الى حيفا، احياء لذكرى وديع وراء العدو في كل مكان..احياء لذكرى الحكيم ضمير الثورة احياء لذكرى ابوجهاد ودلال المغربي احياء لذكرى ابوعلي مصطفى وعدنا لنقاوم لا لنساوم.

يوم الأرض هو يوم عرفات واحمد ياسين والرنتيسي وفتحي الشقاقي وعبدالله شلح يوم الارض هو يوم سعدات وخالدة جرار والقابعين خلف القضبان ومروان البرغوثي يوم الأرض هو يوم المقاوم المشتبك باسل الأعرج ..هو يوم اشرف نعالوة وعمر ابوليلي وهو يوم كل المناضلين والمناضلات.هو اولا واخير يوم الشعب الفلسطيني كل الشعب وفي هذا اليوم نعلن الوفاء كل الوفاء لتحرير الأرض كل الأرض وعودة فلسطين لأصحابها حرة عربية.

عاشت فلسطين
الخلود للشهداء
والشفاء للجرحي
والنصر للمقاومة

براغ- ‏30‏/03‏/2021

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى