رسالة الى صديق… نقاطع من؟ ولماذا؟
بقلم: الكاتب الصحفي والمحرر والمحلل السياسي اليف صباغ
بالأمس، كتب لي احد الناشطين الشباب، ناشط جبهوي سابق، مؤيد وشريك في حملة المقاطعة للجولات الانتخابية السابقة، يقول: آسف يا رفيق، لم يعد بإمكاني تحمل عنجهية واستفزازات الرفاق في الحزب الشيوعي، (مع ذكر اسماء قيادية من الصف الاول)، فهم لا يملّون، وكل هدفهم الغاء كل من يخالفهم الرأي بما في ذلك حليفهم بالأمس منصور عباس.
وعليه، فقد قررت ان أصوت للموحدة، واعمل كل شي لمنع سقوطها، بالرغم من انني اتفق معك حول أخطاء منصور عباس.
فكان ردي قصيرا، يقول: لا جديد في هذه العنجهيّة والاستفزاز ومحاولات الاقصاء، لكنا، يا صديقي، نحن لا نعمل بردود أفعال، ولا نقاطع هذا الحزب وننصر سواه في الكنيست، بل نقاطع الكنيست نفسها.
انهم يتسابقون على طرق بوابات السيد المستعمِر، هذا يطرق بيديه ويصرخ، وذلك يطرق مبتسما علّ سيده يرضى بتعابير وجهه المبتسمة، ويعود كل منهما “بخفي حنين” مع اختلاف الوان الحذاء…لا اكثر.
منصور عباس، للأسف وصل الى الحضيض، ولكن من اوصله الى هناك هو النهج… “الواقعية”، التي روج لها وقاده فيها ايمن عودة خلال الفترة السابقة منذ عام 2015. تذكر كل النقاشات السابقة معهم خلال ثلاث معارك انتخابية كنيستية! الم يكن شعارهم الأساس، “بدنا نؤثر!” الم يدعونا الى “الواقعية”. الم يقل لنا منصور عباس: من لا يريد ان يصوت فليُعِد جواز سفره؟ كل هذا حدث باسم “الواقعية” …..التي كانت شعارهم الأساس. وبالمناسبة، ليس فقط منصور عباس بل هناك رفاق كتبوا لي سابقا، وحتى قبل أيام كتب لي احدهم :”اذا اردت ان يصدقك الناس فما عليك الا ان تعيد الباسبورت والجنسية وتأكل من منتوجك وما تدفع تامين صحي وعصيان مدني”. هذا لم يكتبه لي منصور عباس، بل رفاق بالعضوية والتوارث.
هو النهج “الواقعي” ذاته، والوهم المسيطر بإمكانية التأثير، والفارق ان هذا يقبل بالفتات او الوعود وذلك يطلب أكثر، اما السيد فهو واحد لا يقبل طلب هذا ولا رجاء ذاك. لقد انزلقوا في منحدر “الواقعية” ووهم “التأثير من الداخل”، كما توهم وسقط من سبقهم من مخاتير وزعامات تقليدية استبدلت الحطة بربطة العنق، وحسبت انها بالتقرب والتذلل تنال المحال، ولكنهم فشلوا جميعا وسيفشلون.
لقد ادرك السابقون خطورة وَهمَ “التأثير داخل الكنيست” او من داخل الأحزاب الصهيونية، وبادروا نهاية السبعينيات الى عقد مؤتمر فلسطيني في الداخل على شاكلة المؤتمر الوطني في جنوب افريقيا ليكون ممثلا ومنظِّما لحياة من تبقى في فلسطين بعد نكبة العام 48 تحت الحكم الكولونيالي للحركة الصهيونية. لكن سطحية من ورث هؤلاء الكبار، وانتهازيتهم، حولت لجنة المتابعة العليا من هيئة وطنية عليا، جامعة ومنظِّمة وممثلة لجماهيرنا الصابرة في وطنها، الى دكان يديره زعيم، او يَدَعونه يلهو به بعيدا عنهم، ضمن صراعاتهم الداخلية على السيطرة الحزبية.
عندما يتحول الحزب يا صديقي الى هدف اهم من الوطن وأكبر، وقائمة انتخابية، ويتحول الكادر الى خدام لشخص او مجموعة اشخاص متنفذة ومستفيدة.
وعندما يصبح التحدي الأكبر امام هذه الأحزاب “الوطنية الفلسطينية” هو كم عدد المقاعد التي يوصلونها الى الكنيست الصهيوني، المعادي لكل ما هو وطني فلسطيني، حتى لمجرد وجوده، فلا بد من البحث عن البديل. وبديلنا هو العودة الى الذات، وإعادة بناء الهيئة الوطنية العليا التي تعبر عن هويتنا الوطنية وتنظم صفوفنا في وجه المستعمر، المستوطن، الصهيوني.
لكل هذا يا صديقي، ادعوك ان تعود لتستنير بالبوصلة الوطنية ! لا انتقاما من احد ولا تحيزا ولا ردود أفعال.
بل رؤية وطنية وفعل وطني وجهد يصب في الاتجاه الصحيح. هذا هو قدرنا وقدرك…
حتى لا تقول يوما: لقد أخطأت..