حارسات القلعة الأخيرة: يومكنَّ بعام يومكنَّ بقرن
بينما هو يتحدث هي تُنتج، وبينما هو يأخذ هي تٌعطي"
قُدِّمت إلى ونُشرت في موقع “تجمع الشتات الفلسطيني في السويد، “بينما هو يتحدث هي تُنتج، وبينما هو يأخذ هي تٌعطي”.
د. عادل سمارة
مقدمة:
بداية هذه أفكار مفتوحة للقبول والنقد والرفض والتطوير، لأن المهم أن يُقام شيء أو نشاط عملي ويبقى، نعم ويبقى.
وبتحديد أكثر أن تتبلور جبهة نسائية (لا أقصد نسوية بمعنى الفيمنزيم Feminism ) عربية الامتداد تلجم وتناهض التطبيع وتلتقي على أمور أخرى ايضاً.
وإذا ما اضطلعتنَّ بهذه المهمة الوحدوية الجبارة، تكنَّ قد جدّدتُن الوحدة المصرية السورية 1958-1961، وبسطتنّها على الوطن من الماء إلى الماء وحققتُنَّ أول وحدة عربية من كل المشرق إلى كل المغرب لن تطلها أنياب الثورة المضادة.
وفي مواجهة التخريب والتفكيك الطائفي والإثني والجنسي والديني والإيديولوجي الذي كرَّسته أنظمة الحكم وبعض القوى السياسية ومنظمات الأنجزة داخل كل قطر وبين كل قطر وآخر بل وعدوان نظام قطر على الشعب في قطر أو أقطار أخرى، كل هذا لتبقى في سدة الحكم طبقات وحتى مجموعات من المتخلفين والمرضى نفسياً والتابعين كحكام محكومين وتتغوَّل على البشر والثروة بل والجغرافيا، وإذا كانت منظمات الرجال قد فشلت في اختراق أو دَوْس أسلاك سايكس-بيكو، لولا ما أنجزته المقاومة اللبنانية بالعبور إلى فلسطين وسوريا ومن ثم إلى العراق واليمن، فإن جبهتكنَّ بتخطي بل تحطيم جدران التجزئة ستكون أوسع جغرافياُ وبشرياً.
لقد اقام الرجال لجاناً عديدة ضد التطبيع تضم الجنسين، بعضها بقي وبعضها غاب ولكنها لم تتآلف في جبهة واحدة، هذا رغم أن التطبيع ينخر كامل مجتمعنا العربي بل والمهاجر والشتات ايضا .
هذا المقترح بمناسبة يوم المرأة العالمي إثر نقاش :
• لقاء أو ندوة “زووم” لنساء من مختلف الأقطار العربية ( الجزائر، تونس، مصر، السودان، الأرض المحتلة، لبنان، سوريا، البحرين، اليمن، الأردن، الكويت، ) التي دعت لها جمعية الشتات الفلسطيني في السويد. بدعوة من الرفيق خالد السعدي والرفيق حمدي الصغيِّر.
• والسيدات المشاركات هن: ليلى صعب، كوثر البشراوي، بدرية علي، آمنه الزعبي، صباح طه نمر العقاد أم الأسير وائل الجاغوب، غادة عبد الهادي، نسيبة حاج قويدر، هند شوقي، فاطمه محمد، عدلا سبليني زين، ريما فخري)
• ولقاء “زووم” لمجموعة من المحاضِرات في جامعة بير زيت: د. لينا ميعاري، أ. رولا ابو دحو، د. نسرين سلمي، ومحاضِرات من جامعة أكسفورد. وقد نظم ذلك، د. مكرم خوري مخول من جامعة أوكسفورد.
التطبيع تصحيح التعريف
هناك العديد من التعريفات للتطبيع، تتوافق وتلتقي لكنني أرى أن الأدق هو استدخال الهزيمة كما هو مجسد في هرولة المطبعين وصولاً إلى تذويت الهجوم على الذات مجسدا اليوم في حرب إرهاب أنظمة وقوى الدين السياسي الإسلامي العربية ضد الأمة العربية.
فاستدخال الهزيمة يعني أن يتحول المرء إلى مهزوم ذهنيا وثقافيا: أي يفكر ويتصرف ويقول وينصح بالهزيمة حتى يصبح استدخال الهزيمة حياته اليومية العادية، تغدو الهزيمة تَمَثُّله التام، فتحوله هذه مع الزمن إلى “مقاتل” من أجلها.
وهذا ما ينقله إلى تذويت الهجوم على الذات أي على القضية والوطن.
بداية، صار على المثقف العربي المشتبك أن يعطي أولوية لتوضيح حقيقة مركزية هي أن اقتحام واغتصاب فلسطين كان للسيطرة على الوطن العربي واحتجاز تطوره وتقشيطه ثرواته، وهذا ينقلنا إلى تواشج أمرين مركزيين:
• إصرار الثورة المضادة على الحيلولة دون دولة عربية أو وحدة عربية مركزية
• والانتقال إلى تغييب القضية العربية المركزية والجامعة أي فلسطين.
لم يتوقف حوارنا على امتداد الوطن العربي إن كان تحرير فلسطين منوطاً بتحرير الوطن العربي أو إن كان تحرير فلسطين مفجر الثورة العربية. وقد نصل إلى رؤية مفادها أن هذين الأمرين يسيران بالتوازي في لحظة والتبدُّل اولوياً في لحظة أخرى.
لكن عقد الربيع/الخريف العربي علَّمنا أن تحرير الوطن العربي لا بد أن يسبق تحرير فلسطين حيث اكتشفنا ، ربما جميعاً، أن الوطن العربي الذي أُستهدِف منذ ثلاثة قرون يرزح تحت تنوعٍ استعماري بين استيطان اقتلاعي وتبادل لا متكافىء واحتلال عسكري واحتلال ذاتي من طبقات كمبرادورية وطفيلية تابعة تقوم باحتجاز التنمية المحلية وبشن حرب طبقية ضد الطبقات الشعبية إلى أن انتهت إلى التطبيع مع الكيان الصهيوني ووقف بعضها بل إصطف في جبهة عدوانية ضد فلسطين.
من هنا يكتسب اي عمل أو لقاء عروبي عام أهميته وتكون قُصوى حين يكون اللقاء للنساء العربيات العروبيات. وبالعروبيات نقصد الانتماء الجغرافي الثقافي الذي يحوي الأمازيغ والعرب والكرد ومختلف الإثنيات والقوميات المتآخية في هذا الوطن.
هذا معنى وضرورة جبهة المرأة العربية المقاوِمة وضد التطبيع فهي في مواجهة الثورة المضادة بثلاثيتها:
• الكيان الصهيوني نفسه
• الإمبريالية الغربية بكاملها ضواريها وبُغاثها (الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي واليابان).
• الأنظمة والطبقات العربية الحاكمة وخاصة أنظمة وقوى الدين السياسي والطابور الثقافي السادس بما هو إيديولوجها.
من الضرورة بمكان أن تنشأ وتستمر هذه الجبهة خارج البنية الذكورية الرسمية العربية بل والرأسمالية الطفيلية ايضا والتابعة واللاديمقراطية والتجزيئية ايضا.
فهذه البنية الحاكمة/المالكة السلطوية هي التي وراء محاولة وتكريس والترويج لِ إيديولوجيا احتلال خمسين بالمئة من المجتمع للخمسين بالمئة الأخرى.
لا تنهض أمة ينشغل الذكور فيها بالسيطرة على النساء.
لا تنهض أمة:
• جرت تجزئتها إلى قطريات وكيانات على يد الاستعمار
• وقام بتعيين وتنصيب حكام محكومين عليها
• وحافظ هؤلاء الحكام على ما اسموه “صداقة” مع الاستعمار الذي جزّأ وطنهم لأنه نصّبهم حكاماً.
• وقاطعوا شركات من بلدان المركز الاستعماري ولم يقاطعوا الدول الأمهات لهذه الشركات، ثم عادوا حتى عن ذلك.
• وانتهت هذه الأنظمة في معظمها إلى محاربة الأنظمة التقدمية بل ومجمل الشعب العربي عبر حرب الإرهاب وقوى الدين السياسي وجهاد النكاح…الخ
• ووعد بعض “ثوارها” منح الجولان السوري المحتل للكيان كي يساعدهم على تدمير الدولة السورية.
من هنا أهمية جبهة المرأة العربية المقاوِمة والمناهضة للتطبيع، جبهة عربية تتجاوز الحدود المصطنعة للكيانات وتتجاوز سيطرة الحكام ولا سيما ذكوريتهم ورأسماليتهم.
يكفي هنا أن نشير إلى المعترضة التالية:
معظم هؤلاء الحكام يرفضون لقاء اية امرأة عربية لا تغطي شعرها، وبعضهم يرفض لقائها ولا مصافحتها أصلاً، بينما يجلس أمام السفيرة أو وزيرة خارجية امريكا، بريطانيا ، فرنسا ذليلا، بل ويتصرف كما لو كان لبرالي جداً! ولكي يُذلَّهم المستعمِر يعين قصدا سفيرات نساء في معظم هذه البلدان العربية.
هذه الأنظمة بما هي تنصيب الاستعمار الذي أوصلها من حيث القوة القمعية إلى الحلول محله والاضطلاع بمهامه المعادية للأمة صارت مهمتها الحفاظ على:
• تأبيد التجزية
• تابيد اللاتكامل الاقتصادي العربي
• تابيد التبعية وتطوير اللاتكافؤ بين الاقتصادات العربية
• الحفاظ على العلاقات العربية الوحيدة وهي تنسيق وزارات الداخلية.
أما وهذه الاحتكارات ذكورية، تصبح المرأة في موقع الدفاع ولا بد أن تقف في موقع الرد ضمن القاعدة الشعبية.
وهنا، أود الإشارة إلى أن المرأة الوطنية والثورية هي التي تناضل ضمن الطبقات الشعبية وهذه ليست المرأة “النس/ذكورية” اي المرأة التي ترتقي بل تُرقَّى في مناصب ضمن السلطة الذكورية فلا تعود تمثل المرأة بل موقعها الفردي والنخبة/القشرة المتغربنة من النساء.
وهذا يفتح على تحرر المرأة العربية من هيمنة المرأة النس/ذكورية الغربية اي اللبرالية التي تمثل مصالح وأجندة الغرب الإمبريالي.
المرأة العربية كأية امرأة في العالم تحمل عبئين إضافيين على ما يحمله الرجل:
• فهي قوة إعادة الإنتاج البيولوجي للمجتمع.
• وهي التي تقوم وحدها بالعمل المنزلي
هذا إضافة إلى دورها كمناضلة وكونها موظفة، مزارعة، عاملة معلمة…الخ
أثبتت تجربة الانتفاضة الكبرى 1987 في فلسطين المحتلة أن المرأة هي التي كرست مقاطعة منتجات العدو، لأنها هي التي تقوم بالتسوُّق وهي التي تشرح لابنها/ابنتها أن المنتجات الصهيونية هي منتجات العدو، هي التي كرست الاستهلاك الواعي أو الوعي بالاستهلاك وبالتالي كانت خسائر العدو ضخمة ماديا ومعنويا خلال الانتفاضة. ولم يُقض على معظم هذه الظاهرة المجيدة إلا باتفاقات اوسلو.
والمقاطعة هي نصف المعادلة، بمعنى أن مقاطعة منتجات العدو تفتح الباب على أكثر من خيار:
• خيار استهلاك المنتجات المحلية
• خيار استهلاك منتجات الدول العربية والصديقة، إن وُجدت
• والخيار الأهم وهو الدفع باتجاه إنتاج ما يمكن إنتاجه، وهذا ضمن موديلنا التنموي: “التنمية بالحماية الشعبية”.
ولذا، قامت النساء في الانتفاضة الكبرى 1987 بابتكار تعاونيات الإنتاج المنزلي والمشاركة في التعاونيات الإنتاجية الكبيرة ايضا ضمن موديل التنمية بالحماية الشعبية.
أمَّا والمرأة تقوم بكل هذا، فهي لا بد أن تنتقل من حالة:
• الموجودة في ذاتها أي تقوم بدورها عفويا
• إلى الموجودة لذاتها أي تعرف دورها وقيمتها بوعي.
جبهة المرأة العربية المقاوِمة والمناهضة للتطبيع لا تتناقض مع الاتحادات النسائية القُطرية أو على الصعيد القومي لأن هذه الاتحادات مضطرة في أحيان وظروف كثيرة لمراعاة قوانين الأنظمة وسياساتها، بينما سيدة المقاومة هي خارج سيطرة وقوانين الدولة القطرية و/أو التابعة…الخ.
فالعلاقة بالاتحاد النسائي ليست علاقة تضاد، وإنما ارتقاء في الخيار إلى مقام المقاومة.
محاور أو مستويات العمل المقترحة هي:
اولاً: رفض التطبيع بين حرب وحرب والمقصود: بما أن التناقض تناحري مع العدو، فإن تفعيل حرب الشعب اي التوعية الشعبية بوجوب رفض التطبيع بمختلف مستوياته : الاقتصادي، السياسي، الثقافي ،الأكاديمي، النسوي، النفسي…الخ هو مثابة تشغيل كافة المجتمع في حرب مناهضة التطبيع بين حرب مسلحة مع العدو وحرب أخرى.
ورفض التطبيع هو ثلاثي في الحقيقة أي رفض التطبيع مع:
• العدو الصهيوني
• الغرب الإمبريالي كعدو
• الأنظمة العربية التابعة والعدوة للأمة.
ثانياً: المقاطعة: اي مقاطعة منتجات العدو الصهيوني والغرب العدو. وهنا علينا الانتباه بأن العدو وهو يستغل ويحتل الوطن العربي لا يقصد فقط نهب الثروات وتقشيطها بل ايضا احتكار الأسواق العربية. إن احتكار والسيطرة على أسواق أي استهلاك قرابة نصف مليار من البشر كافٍ لحماية اي اقتصاد من الانهيار، وهذا يبين أهمية مقاطعة منتجات الأعداء وهي إن حصلت سوف يركعون لأن العدو كرأسمالي يتألم من جيبه لا من قلبه ومشاعره وحتى عقله، يعبد المال. وكما اشرنا أعلاه، فإن المقاطعة الشعبية تفترض التوجه للتنمية بالحماية الشعبية.
• تحرر المرأة العربية : صحيح أن الأمة العربية عامة لم يُؤخذ رأيها أبدا، ولا موقفها قط في اي أمر. وهذا ينطبق على المرأة العربية اكثر من الرجل من حيث سيطرة الذكورة المتخلفة والتابعة.
ولذا، فإن حق المرأة العربية في تحقيق المساواة والتحرر بل واجبها النضال من أجل ذلك. ولذا، فإن هذه الجبهة مطالبة بأن تضع تحرر المرأة العربية كجزء اساس من نشاطها بل نضالها. وضمن هذا التحرر حقها في الانتخاب والترشح بنسبة 50 بالمئة. وحقها في كافة مجالات العمل والوظيفة والأجر المتساوي…الخ. أذكر عام 1976 حينما كان التحضير للانتخابات البلدية في المحتل 1967 أن الحركة الوطنية والمنظمات الشعبية كانت في حيرة من أمرها: هل تقم بالانتخابات البلدية في ظل الاحتلال؟ ثم هل تنتخب المرأة وهل تترشح؟ وقد كتبت طالما أنها ليست سياسية ولا بتنسيق مع العدو فهذا حق الشعب لترتيب بنيته الداخلية ومن حق المرأة الانتخاب والترشح مناصفة. هوجمت ونُقدت وفي النهاية وافقت م.ت.ف على الانتخابات وفازت. وحينها كتبت صحف الكيان وخاصة Jerusalem Post مستغربة أن يساري وسجين يقف مع المرأة هكذا، ذلك لأن عقلهم الاستشراقي والعنصري يستكثر علينا موقفا تقدمياً.
ولا نقصد بتحرر المرأة استشناء المرأة المحجبة والمتدينة ابداً بل كل امرأة تناضل من أجل حقوقها وبطريقتها.
• الوقوف مع النساء المعتقلات لدى العدو والأنظمة العربية بالتركيز على حقوقهن وتحريرهن عبر ندوات ومؤتمرات وقفات وتضمين اسمائهن واعدادهن في نشرات بمختلف اللغات وعلى مستوى دولي.
• سجل الشهيدات الخالدات وأمهات الشهيدات والشهداء: أي بنك معلومات مفتوح لمن يرغب في الاطلاع يتضمن شهيدات الوطن العربي في مختلف المجالات ليكون ذلك حافزاً للأجيال القادمة للعمل والسير على طريق الحرية والتحرر والوحدة. في زيارتي 1995 إلى بلاد الباسك/الجزء المحتل من الاستعمار الإسباني شاهدت في مقر منظمة “هري باتسونا” لوحات بمساحة الجدران بصور صغيرة وأسماء الشهداء والأسرى.
• المستوى الثقافي: وهو مستوىً عاماً للانتاج العروبي عموماً ولا ينحصر طبعا في نتاج النساء وإن كان يركز على نتاجهن. إن غياب المرأة عن المجال الثقافي وخاصة الإنتاج يلعب دوراً في تقوقعها وشعورها وكأنها الأقل.
الجانب اللوجستي والفني:
يحضرني في هذه المسألة كيف تمكن مؤسسوا الأحزاب التي امتدت إلى معظم الأقطار العربية من بناء حركات كهذه رغم بساطة بل وصعوبة وسائل التنقل والاتصال. بينما كانت ولا زالت تقابلها وسائل تواصل وتنسيق المخابرات والشرطة والقمع وهو وحده التواصل الذي لم ينقطع بين الأنظمة العربية رغم خلافاتها. ناهيك عن التنسيق الأمني مع الكيان ولا أفظع!
وها هي وسائل التواصل اليوم متاحة جدا، وإن كان عيبها الرئيس في انكشاف الشباب منها وفيها وبايديهم/ن. لكن تواصل النساء ضد التطبيع ليس تنظيما مقاوٍما سريا ومسلحاً. لذا لا بد من توظيف هذه الوسائل بأقصى درجة ممكنة.
لا بد من هيئة مشتركة مشرق مغرب، ومن كل قطر لا كقيادة بل كهيئة تنسيق وتوعيه وتواصل تؤرخ لكافة أحداث الوطن العربي وبشكل خاص:
• فعاليات المقاومة العربية
• وتواطؤ المطبعين.
وفيما يخص تواطؤ المطبعين أن تقوم نساء قطر بالكتابة العلنية والنشر عن ما يحصل من المطبعين في أنظمة الأقطار الأخرى، وأن تتجمع كل المعلومات في موقع لا تطاله ايدي الأنظمة نفسها. وقد يكون خارج الوطن العربي في تنسيق مع عربيات الشتات والمهاجر.
لِمَ لا؟ والعرب في الشتات والمهاجر هم أكثر من عديد من الأقطار العربية، وهو ما اسميه القطر الثالث والعشرون.
لماذا حارسات القلعة الأخيرة؟
هجوم الثورة المضادة المتواصل وخاصة بعد هزيمة عام 1967 والتي لم تكن هزيمة جيوش كما يختزلها البعض بل هزيمة المشروع النهضوي الوحدوي العربي وربما كانت الجيوش ضحيته التي لم يُحسن القادة قيادتها لأن الجندي مقاتل مخلص بالضرورة.
تمظهرت تلك الهزيمة بتخلي كثير من القوى عن مشروعها العروبي وانكماشها وتحوصلها قُطرياً بل ارتداد بعضها حتى فكريا. وكانت من نتائج ذلك:
• انسحاب أنظمة عربية من الصراع، مع أنها لم تكن فيه بشكل جدي
• مواصلة الأنظمة التي لم تشارك في الصراع اصلا مسارها التابع لتصبح لاحقاً في قيادة المشهد السياسي الرسمي العربي وصولاً إلى تطبيع تحالفي عسكري مع الكيان
• خروج أحزاب ومنظمات من موقف الثورة إلى الانطواء القطري متصالحة مع الأنظمة التابعة
• بروز الطابور السادس الثقافي الذي جلَّ هجومه على تجربة الأنظمة قومية التوجه (مصر سوريا العراق الجزائر) وغض الطرف عن أنظمة التبعية والرجعية والكمبرادور مما ضلل المواطن عن حقيقتها (المغرب الأردن انظمة الخليج…الخ).
وعليه، فإن الثورة المضادة تقف اليوم على أعتاب الهجوم على القلعة الأخيرة والأساسية قلعة الطبقات الشعبية، الجماهير العربية لاختراقها بالتطبيع، ومن هنا أهمية موقفكن. لذا فإن نجاحكن سوف يولد بالضرورة جبهات الثقافة والعمال والفلاحين والطلبة وكل قطاع شعبي عربي. وهذا يؤكد تاريخية تجربتكن إن قامت.
ملاحظات:
1- في حديث السيدات الفلسطينيات عن النساء الأسيرات لم يتم التطرق للأعداد الهائلة من النساء الفلسطينيات اللائي أُسرن على مدار سني الاحتلال الطويلة. هذه مسألة تتطلب التحقيق والتوثيق.
2- تكرر الحديث في هذا اللقاء ويتكرر في لقاءات عديدة القول بأن انتفاضة 1987 الانتفاضة الأولى! وهذا ليس دقيقاً، بل ينفي النضال الفلسطيني منذ بداية القرن العشرين وهو مليىء بالانتفاضات. لذا هي الانتفاضة الكبرى 1987.
3- أخيراً أُمَّي: والموضوع مخصص للمرأة، أرجو أن أذكر أن العدو في بداية احتلال 1967 لم يتوقع بعقله الاستشراقي مشاركة النساء في المقاومة. لكن عقل العدو الاستشراقي تغير لاحقاً. لذا،عام 1969 اعتقلواأمي بعد 17 شهرا من اعتقالي بزعم ان لدي اسلحة تسلمهم إياها. قالت لهم هو عندكم. المهم مساءً طلبت سجائرها فرفض الحارس فشرعت تضرب باب الزنزانة وهو من الصفيح فيدوي الصوت في أرجاء المقاطعة ليلاً. نزل الحاكم العسكري الصهيوني ” بيرن” وسأل قالوا له تريد سجائر. فقال لها “فلاخة بيدخن” قالت مش شغلك. اضطروا لإعطائها السجائر. هذه المرأة لم تبك أمام احد منا ابدا. يوم 25 ايار 1965 ذهب أبي وامي إلى القدس ليسألا مسؤول الارتباط مع العدو محمد داود (عام 1970 صار رئيس وزراء الأحكام العربية خلال تصفية المقاومة في مذبحة أيلول) اين أنا، فقال لهما قتله اليهود واخذوا جثته. بعد ساعة سقط ابي بالسكتة القلبية كان57 عاما على الرصيف في رام الله ، لم تبك، اعتقلنا جميعا وهدمت بيوتنا ولم تبك ابدا.