اخبار الوطنالراية الفلسطينيةالشهداء

بعد طريق طويل حافل بالتضحيات والصمود .. رحيل المناضل عمر البرغوثي

فلسطين تنعي المناضل عمر البرغوثي الرجل الذي لم يهزمه الاحتلال!

بعد تاريخ حافل بالتضحيات وبالصمود ترجل الفارس عن جواده، بعد أن غلبه مرض العصر “الكورونا” وبعد أن عجز عن الاحتلال الاسرائيلي، والاعتقالات التعسفية لعشرات الاعوام والتعذيب عن النيل منه.

رحيل المناضل عمر البرغوثي

فقدت فلسطين، اليوم الخميس، بطلا من أبرز مناضليها، وهو الأسير المحرر عمر صالح البرغوثي (أبو عاصف)، الذي قضى نحو 30 عاما في معتقلات الاحتلال.

مرض العصر إختار أبو عاصف بعد أن أبلى حسنا في مواجهة ومقارعة الاحتلال وتقديم التضحيات تلو التضحيات بنفسه وماله وأهله، وترجل بعد ثمان وعشرين عاما أمضاها في الأسر، ثلاث عشرة منها فقط في الاعتقال الإداري المتجدد دون تهمة لابعاده عن الميدان، في مسعى إلى طمس ونشاطه ووجوده بين شعبه ومحبيه.

والمناضل عمر البرغوثي، شقيق عميد أسرى فلسطين الأسير نائل البرغوثي الذي أمضى أكثر من 40 عاما في الأسر، ووالد الشهيد صالح البرغوثي، الذي لا يزال الاحتلال يحتجز جثمانه حتى الآن، ووالد الأسير عاصم البرغوثي، وقد تعرض وعائلته للاعتقال الإسرائيلي، وهدم منازلهم.

وينحدر أبو عاصف من قرية كوبر شمال رام الله، ويعتبر واحدا من رموز المقاومة، وهو من أبرز قيادات حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في الضفة الغربية، وقد أعاد الاحتلال اعتقاله لساعات قبل شهرين وحذره من ترشيح نفسه للانتخابات التشريعية.

وقبل عامين، ارتقى أحد أبنائه شهيدا، بينما اعتقلت سلطات الاحتلال نجله الآخر، الأول صالح الذي اغتالته قوات الاحتلال الإسرائيلي الخاصة، في ديسمبر/كانون الأول 2018، والاخر عاصم الذي اعتقلته قوات الاحتلال بتهمة تنفيذه عملية إطلاق نار أدت إلى مقتل وإصابة عدد من جنود الاحتلال شمال رام الله، بعد سويعات من اغتيال شقيقه.

على إثر ذلك، تعرض عمر البرغوثي وأفراد أسرته جميعا للاعتقال والتعذيب في سجون الاحتلال، كما هدم الاحتلال منزلي نجليه، فما كان منه إلا أن رفع الأذان على أنقاضهما في رسالة تحدّ واضحة.


في سيرة المناضل أبو عاصف

بدأ أبو عاصف نضاله ضد الاحتلال مبكرا، واعتقل للمرة الأولى في أبريل/نيسان عام 1978 بعد أيام من اعتقال شقيقه أقدم أسير في العالم “نائل البرغوثي”، وابن عمهما فخري، وحكم ثلاثتهم بالسجن المؤبد، بعد تنفيذهم عملية فدائية، قتل فيها مستوطناً صهيونياً عام 1978، وتم اعتقالهما وحكم عليهما بالسجن المؤبد، وبعد 8 سنوات تحرر أبو عاصف خلال صفقة تبادل للأسرى عام 1985، بينما تحرر شقيقه ” نائل” بعد 34 عاما كاملة في صفقة “وفاء الأحرار” عام 2011 ، وأعيد اعتقاله بعد 3 سنوات فقط ، ولا يزال يقبع في السجون حتى الآن .

ومنذ تحرره لم يتوان عن مقاومة الاحتلال ومواجهته، فقد أعيد اعتقال “أبو عاصف” عشرات المرات، كان آخرها اعتقاله اداريا لمدة 9 شهور ، وتحرر في بداية العام الجاري .

ومنذ منتصف التسعينيات، وحتى الإفراج عنه قبل شهرين، تحولت اعتقالات البرغوثي إلى احتجاز متجدد وفق قانون الاعتقال الإداري، أي بلا تهمة وبدون موعد محدد للإفراج عنه.

 ومن بين نحو 30 عاما في الأسر الإسرائيلي، أمضى 13 عاما في الاعتقال الإداري وتحت بند “الملف السري ” الذي يعده جهاز مخابرات الاحتلال الإسرائيلي لمحاكمة الأسير دون السماح له أو لمحاميه بمعرفة مضمونه، وبحجة أن كشفه ” يشكل خطرا على أمن إسرائيل”.

وفي عام 2004 توفي والده، وعام 2005 وبعد أن اشتد المرض على والدته، سمح الاحتلال لها بزيارته أثناء اعتقاله وشقيقه في سجن عسقلان ولمدة نصف ساعة فقط بعد 5 سنوات من منع الزيارة.

كان أبو عاصف بمثابة الأب والمعلم للأسرى في المعتقلات، وخاصة فترة التحقيق ، وكان يحتضن جميع الاسرى ويقف على مسافة واحدة منهم رغم اختلاف التنظيمات، لذلك أحبه الجميع لاهتمامه بجموع الأسرى وقضاياهم، ومحاولته حل مشكلاتهم ومواجهة سياسات الاحتلال العدوانية تجاههم.

كما وتميز “أبو عاصف”  خارج الأسر بعلاقات فريدة مع جميع أهالي قريته كوبر فكان الحبيب والصديق للجميع ، صاحب الهيبة والمكانة رجل وطني و اجتماعي، حسه الوطني عالٍ وانتمائه للوطن كبير.

أبو عاصف كان عاشقا لتراب الوطن ، ففي الأوقات القليلة التي يتواجد فيها خارج السجون وقبل أن يُعاد اعتقاله مرة أخرى كان يذهب للأرض التي يعشقْ ، يزرع ويقلع ويفلح فهو من ابتدع قصة شجرة زيتون عن كل عام أمضاه شقيقة نائل داخل الأسر .

فلسطين تنعي المناضل عمر البرغوثي

بعد الإعلان عن وفاته، توافد المئات من أهالي قريته وهرع فلسطينيون من مناطق مختلفة في الضفة الغربية، رغم ظروف الوباء الصعبة، إلى المستشفى لوداع قامة من قامات فلسطين والأمة العربية والإسلامية.

وذكرت مصادر عائلية أنَّ مراسم تشييع جثمان الناضل أيو عاصف، ستبدأ الساعة العاشرة صباحا من أمام المستشفى الاستشاري بمدينة رام الله حيث جثمان القيادي البرغوثي، ومن ثم التوجه به إلى قرية كوبر مسقط رأسه وأداء صلاة الجنازة عليه في مسجد البلد القديم، ومن ثم مواراته في مقبرة البلدة.

وأكّد رئيس نادي الأسير الفلسطيني قدورة فارس،  وفاة الأسير المحرّر عمر البرغوثي “أبو عاصف”، من قرية كوبر، شمال رام الله، وسط الضفة الغربية، بعد نحو 3 أسابيع من إصابته بفيروس “كورونا”، بعد أن تدهورت حالته الصحية وأدخل  قبل أيام، إلى غرفة العناية المركزة، إلى أن أعلن عن  وفاته ظهر اليوم.

وشدد قدورة فارس على أنّه برحيل عمر البرغوثي تفقد فلسطين علماً من أعلامها ورمزاً من رموزها، الذي تميّز بالصدق والإخلاص والأمانة، وهو حالة رمزية على المستوى الوطني، وبرحيله يشعر كلّ فلسطيني بأنه فقد عزيزاً.

وبدورها نعت الحركة الوطنية الفلسطينية الأسيرة والمحرّرون في فلسطين والمهجر ونادي الأسير الفلسطيني وهيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية، المناضل والفدائي عمر البرغوثي، “أبو عاصف”.

من جانبه، أكّد رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحرّرين الفلسطينية قدري أبو بكر، في بيان صحافي، أنّ “أبو عاصف صاحب التاريخ الحافل بكلّ أشكال التضحية والفداء للوطن والقضية، يُعتبر من الأسرى والمناضلين الأفذاذ ومن الرعيل الأول للحركة الوطنية الأسيرة، حيث أمضى في سجون الاحتلال أكثر من 30 عاماً، ويُعتبر أحد أبرز رموز وقيادات الحركة الفلسطينية الأسيرة”.

وقال أبو بكر: “يودّعنا اليوم أبو عاصف البرغوثي، هذه القامة الوطنية المعطاءة، وكلنا فخر بفاتورة تضحياته الكبيرة التي قدم فيها للوطن الكثير، فسقط ابنه صالح شهيداً وقضى نصف عمره بالسجون وما زال نجله عاصم داخل الأسر، كما اعتقلت زوجته وقضت عدة أشهر في معتقلات الاحتلال، إضافة إلى شقيقه نائل البرغوثي، عميد الأسرى الفلسطينيين الذي قضى في سجون الاحتلال نحو 40 عاماً ولا يزال قيد الأسر”. وتوفي القيادي “أبو عاصف” البرغوثي بعد سنوات من المقاومة والجهاد على أرض فلسطين، قارع فيها الاحتلال والمحتلّين، وأكلت السجون من سنين عمره”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى